تأملات

ليلة حلت بهدوء

  • الكاتبة: كيت شوبان
  • المترجمة: أمل المانع
  • المدققة: شيخة العتيبي

بدأتُ أفقد اهتمامي بالبشر؛ فلم تعد حياتهم ولا أفعالهم تهمني. أخبرني أحدهم ذات مرة بأن دراسة المرء أفضل من دراسة عشرة كتب، ولكنني لا أريد دراسة أي منهما؛ فكلا الأمرين يجعلاني أعاني. هل يستطيع أي منهما محادثتي كما يحادثني الليل؟ أو كليالي الصيف؟ أو النجوم؟ أو الريح التي تداعبني؟

حلت الليلة بهدوء وخفة بينما كنت مستلقية تحت شجرة القيقب، وجاء الليل يتسلل خلسة من خلال الوادي ظاناً أنني لم ألحظ قدومه، وتداخلت أغصان الأشجار العريضة وأوراقها المتشعبة مع بعضها البعض حتى كوّنت كتلة واحدة من السواد تخرج من خلالها عتمة الليل خلسةً من الغرب والشرق، ولم يتبقَ سوى ضوء السماء الذي يتسرب من خلال أوراق شجرة القيقب، ونجمةٌ تُطل على كل شق.

الليلُ مُهيب وغامض.

 البشر بجميع أنماطهم تحيرهم الأمور غير الملموسة. فقد أختلس بعض الأشخاص النظر اليّ كالفئران الصغيرة، ولكنني لم أهتم لذلك؛ فكل وجودي كان مكرّساً لسحر الليل الساكن والثاقب.

بدأت الجنادب ترنم أغنية النوم، ومازالت ترنمها حتى الآن، كم هي حكيمة هذه الجنادب؛ فهي لا تثرثر كالبشر، أنها فقط تقول لي: “نامي.. نامي.. نامي”.

ويحرك هفيف الريح أوراق أشجار القيقب كحبٍ دافئ يثير الرعشة.

لماذا يعيق الحمقى كوكب الأرض! لقد قطع صوت رجل ما موجة استحضاري الروحي. جاء هذا رجلٌ اليوم مع زملائه يتدارسون الإنجيل. لقد كان رجل بغيضًا ذا خدين حمراوين وعينين جسورتين وأسلوب فظ. ما الذي يعرفه عن المسيح؟ هل حقاً سأطلب من أحمقٍ قد وُلِدَ بالأمس وسيموت غدًا أن يخبرني أموراً عن المسيح؟ كلا، بل افضّل أن اسأل النجوم عنه؛ فهي قد رأته.


الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s