
- ترجمة: أمل المانع
- تدقيق: راشد التميمي
- الكاتب: مجهول
ما أجمل القمر عندما يكتمل مُحيَّاه المتوهّج ليضيء عتمة العالم بأكمله بلطف وشاعرية، باستثناء تلك المرة حينما أصبح أقل جمالاً مما هو عليه الآن. ولكن وجه القمر تحوَّل في ليلة وضحاها قبل ستة آلاف عام ، قبل ذلك الوقت كان وجه القمر قاتماً وبائساً حتى إنه لم يكن أحدٌ يرغب في رؤيته سوى الزهور والنجوم.
وفي أحد الأيام بدأ يشكو همَّهُ لهُنّ قائلاً: أتمنى لو أنني لست قمراً، أود أن أكون نجمةً أو وردة، فإن كنتُ نجمةً —حتى لو كانت نجمة صغيرة— سيهتم لأمرها أحدهم ولكن واأسفاه! فأنا لست سوى قمرٍ يبغضه الجميع. ولو أنني كنتُ وردة تزهر في حديقة حيث توجد أجمل نساء الأرض اللاتي كُنَّ سيضعنني في إحدى خصلاتهن أو يثنين على رائحتي الفوّاحة وجمالي الخلّاب، حتى لو أنني كنت وردة زُرعت في البرية حيث لا يوجد من يراني عدا العصافير التي حتماً ستأتي وتدندن لي بعضاً من نغماتها، ولكنني لست سوى قمرٍ لم يحظَ باعتبار أحدهم قط.
أجابته النجوم: لا يمكننا مساعدتك، فلقد قُدِّر لنا أن نكون هُنا ولا نستطيع أن نبارح مكاننا، ونحن كذلك لا يوجد من يساعدنا، وواجباتنا نؤديها بأنفسنا، إننا نعمل طَوال اليوم لنضيء في جنح الليل ونجعل السماء أكثر روعة.
ثم أردفت النجوم مبتسمة ابتسامة باردة في وجه القمر الحزين: هذا كل ما نفعله.
ابتسمت الزهور بلطف وقالت: لا نعرف كيف يمكننا مساعدتك، فنحن نعيش دوماً في نفس المكان، في أكثر حديقة عذراء جميلة وُجدت على الأرض. كما أنها لطيفة وتمد يد العون لمن يطلبها، سنخبرها عن مشكلتك، فهي تحبنا ونحن نحبها حباً جما، واسمها تسيه نيو.
ورغم ذلك ما زال القمر حزيناً، وفي إحدى الأمسيات ذهب لرؤية هذه العذراء الجميلة وحالما رآها وقع في حبها.
قال لها: يا لَجمالِك، كم أتمنى أن تصعدي إليَّ وأن تصبح طلتي كروعة مُحَّياكِ. ما أجمل إيماءاتك الرقيقة والمليئة بالحُسن والبهاء، تعالي معي ليكمِّل بعضنا الآخر ونصبح روحاً واحدة مثالية. أعلم أن كل من على الأرض حتى أسوأ مخلوقاتها ستغرم بك من الوهلة الأولى، لذا أخبريني ما سرُّ هذا الجمال السّاحر؟
أجابته تسيه نيو: لطالما عاشرت اللطفاء والسعيدين، وأعتقدُ أن هذا هو منبع الجمال والأصالة.
بدأ القمر يزدادُ جمالاً، فصار يُطلُّ كل ليلة لرؤية هذه العذراء، طرق نافذتها وظهرت له، وعندما رأى مدى حُسنِها ورقَّتها ازداد تعلُّقه بها وتمنى لو تطول سمرتهما وأن بمقدوره المكوث معها دوماً.
قالت تسيه نيو في أحد الأيام لوالدتها: “كم أود الصعود للقمر والعيش معه للأبد، أتسمحين لي بذلك يا أُماه؟”
تجاهلتها والدتها وتركتها دون إجابة. وأخبرت تسيه نيو أصدقاءَها كذلك أنها ستصبح زوجة للقمر.
تلاشت العذراء بعدها ببضع أيام، بحثت عنها والدتها في كل مكان بلا جدوى، وقال أحد أصدقاء تسيه نيو: “ألحَّ القمرُ على ذهابها فغادرت معه”. وتوالت السنوات، ولكن لا وجود لعذراء الأرض الجميلة والرقيقة تلك، ولم تعُد قط. فأصبح الناس يرددون: لقد ذهبت للأبد، إنها مع القمر”.
غدا وجه القمر شديد الجمال الآن، برّاقاً تظهر عليه بهجة تضيء العالم أجمع بلطف وشاعرية. يقول البعض إن القمر يضاهي جمال تسيه نيو التي كانت في وقتٍ ما أجمل عذراء وُجدت على الأرض.