أقاصيص أطفال, تأملات

لحظة مرور الملك

  • الكاتب: لورا إي ريتشاردز
  • ترجمة: هناء القحطاني
  • تدقيق: راشد التميمي

في يومٍ من الأيام كان عدد من الأطفال يلعبون في ساحة لعبهم حين سمعوا صوت رسول يجوب المدينة نافخًا البوق ومرددًا بصوت عالٍ: استعدوا للملك قادمًا، سيعبر جلالته الطريق اليوم”.

توقف الصغار عن اللعب وألقوا نظرة على بعضهم.

وقالوا في صوتٍ واحد: هل سمعتم هذا؟ الملك قادم، من يدري لربما ألقى نظرة من فوق السور ورأى ساحة لعبنا، علينا أن ننظفها.

مع الأسف، كانت أرضية ساحة اللعب متسخة بسبب إهمال الأطفال، حيث كانت الزوايا مليئة بالقصاصات الممزقة والألعاب المكسورة. لكن الآن دبّ الحماس في قلوبهم؛ فجلب أحدهم مجرفة، فيما جلب الآخر مِدمة، وركض ثالث لإحضار عربة اليد من خلف بوابة الحديقة. لقد عملوا بجهدٍ حتى بات المكان نظيفًا ومرتبًا.

وقالوا معًا: الساحة الآن نظيفة، لكن علينا أن نُضفيَ عليها رونقًا وجمالًا، فالملوك معتادون على الأماكن الرائعة، ولربما لن يلحظ نظافة المكان أصلًا، لأنه معتاد على النظافة طَوال الوقت.

أحضر أحدهم أعواد الوجّ العطرية ونثرها على الأرض، فيما علّق آخرون أكاليلَ من ورق البلوط والصنوبر على الجدران، أما أصغرهم فسحب براعم القطيفة ورماها في الملعب لتبدو كالذهب كما قال.

عندما أنهوا عملهم المُرهِق كانت ساحة اللعب جميلة جدًا إلى درجة أنهم وقفوا مذهولين يتأملون جمالها ويصفقون في سرورٍ.

قال أصغر المجموعة: دعونا نحافظ عليها بهذا الشكل دائمًا! وصاح البقية: بلى، هذا ما سنفعله!

انتظر الأطفال اليوم بطوله مرور الملك، لكنه لم يمرّ قط. وقُبيل مغيب الشمس، مر رجلٌ رثّ الهيئة تبدو على مُحياه آثار السفر، وبوجه سمحٍ ومتعب توقف لإلقاء نظرة من فوق السور.

ثم قال: يا له من مكان جميل، هل تسمحون لي بالدخول والاستراحة يا صغاري؟

وبكل سرور أدخله الصغار إلى ساحتهم، ودعوه للجلوس على كرسي صنعوه من برميل قديم قاموا بتغطيته بعباءة حمراء عتيقة ليبدو كالعرش، ولقد كان فعلًا كذلك!

قالوا في صوت واحد: إنها ساحة لعبنا، قمنا بتنسيقها لتناسب مقام الملك، لكنه لم يأتِ، ونحن نخطط الآن للاحتفاظ بها كما هي لأنفسنا.

قال الرجل: هذا رائع!

ثم قال أحد الصغار: هذا لأننا نعتقد بأن الجمال والنظافة أفضل من القُبح والوساخة!

وافقه الرجل: بكل تأكيد فهذا أفضل.

وتدخل أصغر الأطفال قائلًا: وحتى تكون الساحة مكانًا جميلًا للمتعبين ليرتاحوا فيها.

وقال الرجل موافقًا: وهذا هو أفضل شيء!

جلس الرجل يستريح وهو ينظر إلى الأطفال بنظرة حنونة، بينما كانوا يروون له حكاياتهم وكل ما يعرفونه؛ أخبروه عن الجراء الخمسة في الحظيرة، وعن عشِ الشحرور وبيضاته الأربع الزرقاء، وعن الشاطئ الذي يحتضن الأصداف الذهبية، بينما راح يهز رأسه موافقًا كل ما يقولونه.

وعندما حانت لحظة الفراق طلب منهم كوبًا من الماء، وأحضروا له أفضل كوب يمتلكونه مزينًا بأغصانٍ ذهبية، ومن ثم شكرهم وذهب في طريقه، ولكن قبل مغادرته ربت على رؤوسهم لحظات تركت فيها لمسته الحانية أثرًا في قلوبهم.

وقف الصغار بجانب السور ينظرون إلى الرجل بينما كان يُغادر بهدوء، تحت أشعة الشمس التي انحنت لتغيب.

قال أحد الصغار: لقد بدا متعبًا للغاية. 

وأجاب الآخر: لكنه كان طيبًا جدً!

وقال أصغرهم: انظروا! انظروا إلى وهج أشعة الشمس على شعره، إنه يبدو كتاج من الذهب!


الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s