
- الكاتبة: كيت شوبن
- ترجمة: هناء القحطاني
- تدقيق: راشد التميمي
كان السيد “جان با” –والد أوريليا- ذا هيبةٍ ومكانة عندما استقر في المدينة، بلِحيتِه الكثة، وملابسه البراقة، وسلسلة ساعته الذهبية، إذ كان يستطيع ببساطة ركوب العربات المُخصصة لذوي البشرة البيضاء، ولن يلحظ أحدٌ الفرق أبداً! لكن السيد “جان با” امتلك من الفخر ما يدفعه ليظهر جذوره، كان فخوراً جداً بأصله وكذلك السيدة “جان با” فهما يتمتعان بفخر لا يتزعزع، ومع ذلك لم تكن صغيرتهما أوريليا سعيدة بما يكفي.
لم يكن مسموحاً لها باللعب مع الأطفال البيض في المنزل الكبير، الذين كانوا سينضمون لها عن طيب خاطر. ولم يكن مسموحاً لها أيضاً الارتباط بأي شكل من الأشكال مع الأطفال السود الذين يمرحون طوال اليوم أمام مقصوراتهم ببراءة واستمتاع. يبدو أنه لا يوجد شيء أمامها لتفعله إلا جدل ضفائرها اللامعة، أو الجلوس بين ركبتي والدتها تتعلم الهجاء أو ترقع اللحاف.
كان يرضيها فيما مضى -عندما كانت طفلة تزحف- اللعب تحت شعاع الشمس لكن عندما كبرت تاقت إلى الصحبة الحقيقية.
قال السيد “جان با” لزوجته في قلق بعد أن لاحظ تردي حالة ابنته: صغيرتي المسكينة تفتقد إلى الصحبة.
قالت الزوجة: إنك محق تماماً ياعزيزي، لم تصاحب أوريليا أحداً العام الماضي. وبدآ يراقبان طفلتهما بعناية حيث بدت ذابلة كوردة تتوق لضوء الشمس.
بالتأكيد لم يتحمل السيد “جان با” الأمر، وعندما حل شهر ديسمبر وانتهى عقد عمله، لملم حاجاته، وجمع أسرته وغادر للعيش في بارادايس، وهكذا رأتها الصغيرة أوريليا، كالجنة من شدة روعتها. فهنا الزيارات متكررة؛ تذهب الصغيرة كل صباحٍ إلى الدير وتلتقي بأطفال يشبهونها وتتعلم.
حتى الكنائس -التي تزورها أيام الآحاد مع ذويها -تعبق برائحة الوطن، كل شيء حولها يحمل رائحة الوطن. تبدو أوريليا الآن كمهرة محلية أصيلة تهرول في الأرجاء. ليس ثمّة شك أن أوريليا أسعد طفلة مُولدة حرة في لويزيانا بما أن والدها قرر الرحيل إلى جزيرة المُوَلّدين!