- الكاتب: جيمس بالدوين
- ترجمة: أمل المانع
- تدقيق: راشد التميمي
في أحد الأيام كان هناك ستة أكِفَّاء يقفون كل يوم على جانب الطريق ويتسوّلون من المارة. لقد سمعوا الكثير عن الفيلة، ولكنهم لم يروها إطلاقاً؛ فكيف سيستطيعون رؤيتها وهم أكِفَّاء؟
وصادف في أحد الصباحات مرور فيلٍ أسفل الطريق، حيث يقف هؤلاء الأكفَّاء، وحينما قيل لهم إن ذلك الوحش الكبير يقف أمامهم، طلبوا من صاحب الفيل إيقافه حتى يتسنى لهم رؤيته.
بالطبع لا يستطيعون رؤيته بأعينهم، ولكنهم اعتقدوا أنه عندما يستشعرون أجزاءَه فقد يتمكنون من تصوّر مظهره.
وضع الرجل الأول يده على الفيل، وقال: “حسناً، حسناً، الآن أعلم كيف يبدو مظهر هذا الوحش، إنه تماماً كالجدار”.
بينما أمسك الثاني بناب الفيل، وقال: “إنك مخطئ يا صاحبي، لا يشبه هذا الفيل الجدار إطلاقاً، فهو يبدو دائرياً وناعمَ الملمس وحاداً، إن مظهره أقرب إلى الرمح”.
وصادف أن يمسك الثالث بخرطوم الفيل، ثم قال: “كلاكما مخطئان، أي شخص غير جاهل يمكنه التصور بأنه يشبه الأفعى”.
ومدّ الرابع يديه ممسكاً بواحدة من أقدام الفيل، وقال: “يا لكم من أكفّاء حقًّا! يسهلُ عليّ القول بأنه مستديرٌ وطويلٌ كالشجرة”.
وكان الخامس ذا قامة طويلة جداً؛ مما جعله يمسك بإذن الفيل، ثم قال: “أكثر شخص فاقد للبصر يفترض منه معرفة أن هذا الوحش لا يشبه أياً من الأشياء التي ذكرتموها، بل إنه تماماً كمروحة يد كبيرة”.
ولكن السادس كان كفيفاً كلياً، فقد أخذ يبحث -بعضَ الوقت- عن الفيل قبل العثورِ عليه، وفي النهاية أمسك بذيل الفيل، وصَاح بأعلى صوته: “يا لكم من حمقى يا رفاقي! من المؤكد أنكم فقدتم جميع حواسكم. لا يشبه هذا الفيل الجدار ولا الرمح ولا الأفعى ولا الشجرة، ولا حتى مروحة اليد! ولكن يمكن لأي رجل يملك حواسَّ دقيقة تصور أن هذا الحيوان يشبه تماماً الحبل”.
ثم بعد ذلك أكمل الفيل سيره، وعاد الأكفّاء الستة إلى الجلوس على جانب الطريق طوال اليوم يتشاجرون حول مظهر الفيل، وكل فردٍ منهم معتقِدٌ أنه على صواب، ثم بدؤوا بإلقاء الشتائم على بعضهم، لعدم اتفاق كلٍّ منهم مع الآخر.
حتى المبصرون يتصرفون بنفس الحماقة أحياناً.
أقصوصة 